Follow Us:

إستراتيجية المحيط الأزرق: أبحر في محيطك الخاص بعيداً عن المنافسين

في زمن أسواق المنافسة الكاملة وحروب التسويق المستميتة لترويج منتجات الشركات لإقناع الجمهور لشراء المنتجات مع تقديم خدمات متكاملة بأسعار منافسة, يبدو الوضع في هذه الحالة أن هناك حرباً شرسة تقوم بها الشركات لدخول السوق وتثبت نفسها بأسرع وقت وبأقل التكاليف مع تحقيق أقصى إيرادات من المبيعات مع خلق ولاء عند العميل لديها. يبدو فعلاً أنه من الصعب جداً على الشركات الناشئة في مختلف المجالات أن تقوم باقتحام هذا السوق الدموي بالرغم من طبيعة السوق التنافسية الكاملة أي غياب أي نزعات إحتكارية أو أن الأسعار لا تحددها سوى قوى العرض والطلب, فكيف لها (أي للشركات الناشئة) أن تمارس نشاطها وتستحوذ على حصة من السوق والمبيعات وبالتالي تحقيق الإيرادات بعيداً عن حلبة الصراع في هذا السوق؟
 
يجيبنا على هذا السؤال كتابٌ قد تم تأليفه من قبل العالمين البروفسور W. Chan Kim وزميلته Renee Mauborgne باستراتيجية ذكية أسموها باستراتيجية المحيط الأزرق, وتقوم هذه الإستراتيجية على مبدأ أنه ليس من الضروري على الشركة التي تريد أن تحقق النجاح والمبيعات أن تحتل مركزاً تنافسياً قوياً بل يمكن أن تحرز نجاحاً بدون منافسة وذلك بأن تتبنى هذه الشركات أسواقاً جديدة تعرض فيها منتجاتها الجديدة أو أن تقوم بطرح بضائح وسلع بديلة لا تجذب المنافس إليها (ولو لبرهة من الزمن مبدئياً) وبهذا تستطيع المنظمة تحقيق أرباحاً وفيرة وبذكائها وريادتها الإستراتيجية تستطيع أن تجذب زبائن ومستهلكين جدد وأن تجعل الزبون أكثر ولاءً لمنتجاتها وخدماتها. أي باختصار أن تقوم بخلق السوق والعرض الخاص بها بعيداً عن السوق والعرض الكلي الموجود في السوق.
 
تقوم فكرة هذه الإستراتيجية على مبدأ تقسيم السوق إلى نوعين (أو محيطين):
 
النوع الأول: المحيطات الحمراء: وهي الأسواق المليئة بالمنافسين وتكون سوق سلع وخدمات مألوفة حيث يكون الصراع محتدماً والمنافسة دموية وهي التي تمثل أغلب الصناعات القائمة اليوم فهي متكررة وموجودة بكثرة في عالم الأعمال ويكون أساس نجاحها هو قوة المنافسة القوية والتي تعتمد على تقنيات تقليدية مثل تمييز المنتج وتخفيض التكاليف وتحسين الجودة.
 
يمكن ملاحظة هذا النوع من المحيطات في سوق الهواتف الذكية بوجود الشركات العملاقة Samsung, Apple, HTC, Sony, Microsoft, Huawei, OnePlus, OPPO, Nokia فإنه في بدايات العقد الثاني من القرن 21 شهدت ثورة في تقنيات الهواتف الذكية من ناحية تطور العتاد وأنظمة التشغيل حيث ظهر قبلها بأعوام نظام Android التي ترعاه وتطوره Google إلى جانب نظام iOS التي تطوره Apple ونذكر مدى التنوع الكبير في أجهزة Samsung خلال الأعوام من 2011 وحتى 2015 مقترنة بتزايد مطرد ساعياً (بالمعنى الحرفي) في الطلب على هذه المنتجات لدرجة الشهرة والإعلانات في الطرقات والأغاني المصورة للفنانين مع هواتفهم في الأغنية.
 
في خضم هذه المعركة في هذا المحيط, رأينا إنسحاب شركات من المنافسة في هذا السوق أو انطفائها بعد شهرة منقطعة النظير كشركة HTC, Sony, Nokia, Windows Phone ورأينا ظهور شركات جديدة في السوق مثل OnePlus, OPPO وأيضاً ظهور شركة Huawei كمنافس شرس وجدير بأن يزيح مستوى مبيعات شركة Samsung و Apple عن عرش المستويات الأولى بل وبتقديم خدمات وتقنيات جديدة ومميزة مع الإبتكار العلمي جعلت من الكل على يقين بأن نجم هذين الشركتين سوف ينطفئ لا محالة. ورأينا في هذا المحيط عودة شركة Nokia بشراسة عن طريق إصدار جيل جديد ومختلف كلياً عن أجيال هواتفها القديمة بمواصفات عالية مقارنةً بسعرها وتعمل بنظام التشغيل Android One حيث لم يأبه لها الكثيرون في البداية لكن عودتها بمواصفات العتاد والتحديثات المتواترة مكَّنها ذلك من إختراق المحيط بسلاسة ولكن طريقها ما زال طويلاً لاسترجاع قاعدة جمهورها الذي تخلى عنها إلى Samsung, Apple, Sony, HTC.
 
النوع الآخر: المحيطات الزرقاء: ويقصد بها الأسواق البكر والأسواق الهادئة غير المأهولة التي لم تكتشف بعد ولم تتلوث باللون الأحمر لون المنافسة الدموية وتتميز بإيجاد وخلق طلب جديد اعتماداً على أفكار جديدة تؤدي إلى قفزة في القيمة للزبون وللشركة في نفس الوقت وبالتالي إيجاد فرص للنمو مربحة للغاية بأقل الخسائر إن لم يكن عدمها.
 
لنأخد على سبيل المثال نمودج Facebook فبعد أن امتلأ المحيط الأحمر (الميديا التقليدية) بالمتصارعين والمنافسة الدموية, جاءت فكـرة Facebook فى محيط أزرق هادئ تحت مسمى الميديا الإجتماعية والتي لم تكن سوقاً حقيقياً من قبل, وهكذا نجح Twitter في مجال التدوين الإلكتروني وهكذا نجـت Apple بعد تدشين نظام تشغـل وهاتف جديد كلياً في عام 2007 وخارج المنافسة مع Nokia آنذاك